ا
لا تجبروا التاريخ على إعادة نفسه
الأربعاء، 8 أبريل 2009 - 16:58
بعد تعادل مصر مع زامبيا وحدوث مشاكل بين لاعبي المنتخب الوطني والهجوم الاعلامي على الجهاز الفني للمنتخب رأيت أمام عيني ذكريات أليمة حدثت لمنتخب مصر عقب فوزه بكأس أمم إفريقيا 98 وشعرت بأن التاريخ يعيد نفسه .. فأرجوكم لا تجبروه على ذلك.
فظروف وأحداث 98 تتشابه بشدة مع ظروف وأحداث 2008 ففي عام 98 كانت مصر تمتلك منتخبا قويا حصد بطولة كأس الأمم خارج أرضه وكان المنتخب يضم لاعبين على أعلى مستوى من مختلف الأجيال وكان يضم لاعبين أصحاب خبرة وأخرين شباب يمتلكون القوة والطموح، ويقوده مدرب مخضرم بحجم محمود الجوهري.
ولم يكن أحد يتوقع أن تحصد مصر كأس البطولة عام 98 ولكن الروح القتالية العالية وحالة الحب بين لاعبي المنتخب وقتها والروح الجماعية الموجودة كانت هي أهم أسباب الانتصار وليس الخطة أو النواحي التكتيكية، وعقب البطولة توقع الجميع أن ينجح هذا الجيل في الصعود لكأس العالم 2002 ولكن حدث انهيار للفريق وتحديدا في كأس القارات والتي خسرنا فيها من السعودية بخماسية تاريخية.
ولمن لا يعلم، فإن الهزيمة من السعودية جاءت لأن حالة الحب بين اللاعبين تلاشت بعد الفوز بكأس الأمم، وبدأ كل شخص يفكر في نفسه فقط ويلعب من أجل اسمه، وحدثت مشاكل بين بعض لاعبي المنتخب وتحديدا قبل لقاء السعودية كانت السبب الرئيسي في الهزيمة، وهو أكتبه بصفتي شاهدا على العصر، ولاعبا في صفوف المنتخب في هذه الفترة.
فوقتها تكبّر اللاعبين على الكرة وظنوا أن مباراة السعودية سهلة وسيفوزون بها بسهولة والتأهل للدور قبل النهائي ومواجهة البرازيل، وبدأ الجميع يفكر في لقاء البرازيل وتناسوا لقاء السعودية فكان السقوط المدوي.
ولم تكن المشكلة وقتها في اللاعبين فقط، بل كانت في وسائل الاعلام التي شنت هجوما ضاريا على منتخب مصر وجهاز الفني بقيادة الجوهري وطالبوا باقالته وهو ما حدث بالفعل، وتناسوا أن هذا الجهاز وهؤلاء اللاعبين هم الذين حققوا انجاز الفوز بكأس الأمم قبل عدة أشهر.
وجاءت اقالة الجوهري وحل مجلس ادارة اتحاد الكرة لتقضي على جيل كامل من اللاعبين وتقضي على حلم التأهل للمونديال، وتراجعت الكرة المصرية أكثر من خمس سنوات إلى الوراء وعادت لنقطة الصفر.
وتكالب على المنتخب مدربون لم يقدموا الجديد للمنتخب مثل الفرنسي جيرار جيلي والايطالي ماركو تارديللي وأخرين، وقدم المنتخب نتائج متواضعة في بطولات كأس الأمم أعوام 2000 و2002 و2004، وفشل في التأهل لكأس العالم 2002 و2006 حتى بدأ المنتخب يستعيد قوته مؤخرا بالفوز بكأس أمم 2006 و2008.
وجاءت اقالة الجوهري وحل مجلس ادارة اتحاد الكرة لتقضي على جيل كامل من اللاعبين وتقضي على حلم التأهل للمونديال، وتراجعت الكرة المصرية أكثر من خمس سنوات إلى الوراء وعادت لنقطة الصفر.
وما أشاهده الآن من أحداث سلبية بعد التتويج بكأس الأمم 2008 وظهور مشاكل بين بعض لاعبي المنتخب والانتقاد القاسي من الاعلام للجهاز الفني جعلني أستعيد الذكريات الأليمة لأحداث كأس القارات بالسعودية.
وأخشى ما أخشاه أن يعيد التاريخ نفسه وتتكرر الأحداث مجددا بنفس الطريقة ونفس السيناريو، خاصة وأن المنتخب تعثر أمام زامبيا وأمامه مباراة صعبة أمام الجزائر على ملعبها قبل أن يخوض غمار معركة كأس القارات أمام منتخبات عالمية بحجم البرازيل وإيطاليا وأمريكا والهزيمة في المباريات الثلاث واردة.
ولذلك أناشد الجميع من الآن حتى لا يتكرر الخطأ الذي حدث عام 1999 وحتى لا نجعل التاريخ يعيد نفسه، لأن الانسان الذكي هو من يتعلم من أخطائه ولا يكررها مرة أخرى، فعلى اللاعبين أن يتركوا مشاكلهم الشخصية تماما وأن تصفى قلوبهم ويلعبون بروح جماعية وبحب وانكار للذات لأن هذا هو سر النجاح الأساسي.
فعندما تكاتف اللاعبون معا ولعبوا بروح جماعية حققوا انتصارات غير متوقعة مثلما حدث في كأسي أمم 98 و2008، وعندما حدثت مشاكل بينهم وسيطرت عليهم الفردية وحب النفس لم ينجحوا في تحقيق الفوز في مباريات لعبوا فيها بصورة جيدة وأهدروا فرصا لا تضيع مثل مباراتي المغرب بالقاهرة والجزائر بالجزائر في تصفيات كأس العالم 2002.
وأناشد رجال الاعلام بانتقاد لاعبي المنتخب وجهاز الفني انتقاد هادف وبناء بدلا من الهجوم عليهم بشكل قاسي ومبالغ فيه لأن هذا الانتقاد يضر أكثر مما يفيد ويكون ضد المنتخب وليس لصالحه.
وأتمنى من الجميع أن يصبر على الجهاز الفني مهما كانت النتائج السلبية التي قد تتحقق في كأس القارات بسبب فارق المستوى الفني الكبير لأن الأهم هو تصفيات كأس العالم والمشوار مازال طويلا والأمل مازال قائما.